ب.فكري كباشي

ان الحاجة للقيادة اصبحت ضرورة بشرية اقتضتها مصالح الحياة الانسانية في شتى جوانبها والتي لا تتحقق الا بوجود قيادة تنسق الجهود وتحرك الطاقات باتجاه الوصول الى الغايات باعتبارها كما يرى الاهداف وتحقيقها، وهي تعني فن او عملية التأثير على الاخرين من أجل بذل جهودهم برغبة واقتناع لتحقيق أهداف الجماعة ولذلك تتمثل أهميتها في عملية التاثير التي يقوم بها القائد في تابعية وحثهم على المساهمة الفاعلة بجهودهم لاداء نشاط تعاوني، ان هناك عدة عناصر مهمة ومكونة للقيادة يتفق معظمهم عليها وهي :
(أ) الجماعة: لابد من وجود جماعة من الناس يقومون بممارسة نشاطات معينة ولتنسيق تلك الجهود والنشاطات لابد من قيادة تقوم بذلك وصولا للأهداف المحددة.
(ب) الاهداف: ضرورة وجود اهداف محددة تسعى القيادة لتحقيقها والوصول اليها من خلال الجماعة
(ج) التأثير: قدرة القيادة على تحريك وتفعيل افراد الجماعة واقناعهم بالقيام بالمهام الموكلة إليهم وصولا للأهداف المرجوة.
(د) السلطة: اورد الباحثون والدارسون في حقل الادارة تعريفات متعددة ولكن كلها أجمعت على ان السلطة هي الحق الذي بموجبه يطالب الاخرون بالقيام بالعمل. كما تمثل الحق اعطاء الاوامر وقوة المطالبة بالطاعة والامتثال كما انها تمثل قوة توجيه ومراقبة اعمال الاخرين.
يخلط الكثيرون بين مصطلحي القيادة والإدارة ويعتبرونهما وجهان لعملة واحدة. لكن المصطلحين مختلفان تماماً في الحقيقة فالقائد يمكن أن يكون مديراً أيضاً ولكن ليس كل مدير يصلح قائداً وكلا الأمرين مهم فالقيادة بدون إدارة تجعلنا نعيش في عالم التخطيط للمستقبل مع إهمال الإنجاز الفوري الذي نحتاج إليه كي نصل لأهدافنا المستقبلية.
والإدارة وحدها تجعلنا لا نرى سوى مشاكلنا اليومية التي تستغرقنا فلا يتاح لنا الوقت للتفكير والتخطيط للغد كما إنها تجعلنا نبتعد عن الأهداف البعيدة والصورة الكلية وربطها بالقيم والمبادئ. وقد ننسى في فورة اهتمامنا الطاغي بالإنتاج والإتقان والجودة أننا نتعامل مع بشر لهم أحاسيسهم وحقوقهم واحتياجاتهم.
إنطلقت فكرة تشييد قادة المستقبل Future Leaderخلال المنتدى الإقتصادي العالمي بمدينة سان بطرسبرج في روسيا عام 2018 , والتي اكدت اهتمام الدول بخلق جيل من قادة المستقبل قادر على تحقيق عائد حقيقي من الفعاليات والمشاريع التي تنفذها في سياق التنمية الشاملة والمستدامة. ذلك ان العالم يعاني منذ سنوات طويلة من التفكك والحروب والفساد بأنواعه، وهو بحاجة إلى قادة مخلصين وشجعان حالمين لديهم طموح لا يحد، ويفكرون في الحاضر وصناعة المستقبل، يديرون البوصلة نحو البناء بدل التغني بالماضي أو انتظار النتائج دون التخطيط لها.
ولا يخفي على كل ذي بصيرة ان الدول التي تتمتع بالاستقرار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي هي تلك الدول التي رزقت بقادة شجعان حالمين صنعوا المستقبل ولم يتمنوه فقط، تنبؤوا بمتطلبات المستقبل ووضعوا الخطط البعيدة للنهوض بكافة الجوانب التي تضمن امتلاك القوة في جميع عناصرها، وما يراه الآخرون مستحيلاً يراه القادة الحالمون ممكناً، يعتمدون بعد الله على عقول وسواعد الملايين من شعوبهم، يبنون الثقة بينهم وبين الناس بحرصهم على مصالحهم وتحقيق العدالة ومكافحة الفساد، وحين يثق الشعب بقادته فإنه يتفانى في العمل لتحقيق رؤية القائد وتنفيذ خططه، كما يتقبل الناس ما يصدر من قادتهم من أوامر مهما كانت قاسية في نظر البعض لأنهم يؤمنون أنها في النهاية تصب في مصلحتهم.
من يتمعن في قصص بناء الدول يؤمن أن أهم عناصر النجاح هو وجود القيادة التي لديها القدرة على التخطيط الجيد والإرادة للتقدم وبناء المؤسسات الفعالة، وتلك التي تولي التعليم ما يستحقه من اهتمام ورعاية لتخريج كفاءات تمثل الثروة الحقيقية للوطن، وهذا هو ما تم في كثير من الدول في جنوب شرق آسيا مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا وقبلها جميعاً اليابان التي خرجت من الحرب العالمية الثانية مثخنة بالجراح والفقر والفوضى

ust.edu.sd.

1 thought on “ب.فكري كباشي

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *